13‏/6‏/2020

''الأسئلة'' قصة قصيرة/العملاق ''محمد الطايع''

..الأسئلة 

..قصة قصيرة


ماذا؟ ماذا قلت؟ تحبينني؟ هل قلت أنك تحبينني؟ هل قلت ذلك فعلا؟ هل أبدو لك مغفلا؟ لماذا تعتقدين أنني كذلك؟ ألم تسمعي بحكايتي الأخيرة؟ أليست حكاية غريبة؟ أم تراها مجرد حكاية عادية؟ إلى أي حد تفكرين أن الأمور تجري ببساطة؟ وحتى متى تحاولين تبسيط الأمور؟ لماذا لم تسألي عما حدث لي قبل أن تقتربي مني إلى هذا الحد؟ أم أنك لا ترين نفعا في السؤال؟

هل أنت مع تلك المخادعة التي دمرتني؟ أم أنك تنظرين إلي بعين الشفقة؟ لماذا تحاولين التقرب مني؟ أمن المعقول أن أصدق أنك تنوين التخفيف عني؟ هل أُعجبك؟ أم أن كتاباتي أوهمتك أني بطل؟ أحقا أنا وأنت صادقان؟ أتعشق النساء الأبطالَ فعلا؟ وهل يصلح تافه مثلي لتأدية دور بطل؟ ألم تري كم أنا بائس ومبعثر؟ ماذا لو أخبرتك عن مدى بشاعتي؟ هل ستستمرين في ادعاء الحب بعد ذلك؟ ماهو الحب في رأيك؟ إعجاب؟ شفقة؟ ميل جسدي؟ نزوة؟ مسؤولية؟ أم مجرد قصة مسلية نحكيها لأصدقائنا بعد نهايتها؟ أليست كل قصص الحب تنتهي بفراق؟ من قال أن العشاق بعد فراقهم لايفكرون في علاقات جديدة؟ أم أنك من الذين يصدقون خرافات الوفاء والتباكي على الأطلال؟ 

ألم تصدقي خبر وقوفي في المحكمة؟ أمن المعقول أنك تستبعدين أن أكون متهما؟ ما الذي تريدين إقناعي به؟ تحسبينني ملاكا؟ فهل أنا ملاك؟ وهل أعطيت الدليل على أنني بشر قبل أن أرتقي لمرتبة ملك؟ أليست الإنسانية أعظم مرتبة يصلها الإنسان؟ ألم تفكري أنه من الممكن أن أكون مذنبا فعلا؟ أم أنهم لم يخبروك بأنني كنت أحاكم بتهمة الإساءة لوالدي؟ أينا الظالم في رأيك؟ أنا أم والدي؟ هل تعلمين أنه من الممكن أن يتصف الآباء بصفة العقوق تجاه أبنائهم؟ أم أن الوالد مقدس؟ أليس في تأليه الأبوين شرك بالله؟ ألم ينهنا الله عن اتباع الوالدين إن خالفت أوامِرهما أوامِره؟ 

هل سبق لك التواجد في محكمة؟ هل حاكموك يوما بأية تهمة؟ ألم يلقي رجال الشرطة القبض على أحد أقربائك يوما؟ أم أنك لم ترافقيه إلى المحكمة؟ ألا ترين أن المتهم يحتاج لمؤازرة الأهل والأقارب؟ من تظنين كان في مؤازرتي يومها؟ هل يخطر ببالك أن ثمة في هذا المجتمع من يجرؤ على مؤازرة ابن ضد أبيه؟ ماظنك بشخص وجد نفسه ذات يوم عدوا للجميع؟ أين الذين يرفعون أصواتهم بالعدل؟ متى تكون أفعالهم ومواقفهم مطابقة لأقوالهم؟ ألست على علم بما يحدث في هذه الأرض من فظائع؟ أم أنك عشت حياة طيبة جدا وهادئة؟ 

ألا ترين أن غالبية الإناث يصورن أنفسهن عكس حقيقتهن؟ لماذا تحاول الواحدة منهن أن تقنعك أنها عاشت في الجنة؟ ألا يجوز أنها خطة خبيثة ولعينة؟ ألا يمكن أنها تفعل ذلك لكي تضع حاضرك المهزوز في مقارنة مع ماض مثالي؟ هل توافقينني في هذا الزعم؟ أم أنك تعتقدين أنني مريض بالشك؟ لماذا لا أشك فيك أنت أيضا؟ أليس من الوارد أن تكوني نصابة أو مجرد تافهة؟ ماذا لو أنك تفكرين عكس ما أفكر تماما؟ ماذا لو أنك تعتقدين أنه ليس من حق الرجل أن يشك في تصرفات زوجته؟ ألا يجوز أن ادعاءاتك هذه محض كذب؟ أم أنك تنفين وجود نساء مخادعات في هذا العالم ؟ ماذا تظنين؟ لماذا أنت صامتة؟ هل خططتِ لهذا أيضا؟ ألم تقولي مع نفسك سوف أتركه يعترف على نفسه بنفسه؟ ما الذي تخططين له؟ هل تفكرين بأنني أحمق؟ أليس في نظراتي لمعة جنون؟ 

أين كنتُ أنا بالأمس؟ في أية متاهة كنت؟ ومع من كنتُ بالضبط؟ هل راودتك مثل هذه الأسئلة بشأني؟ ما الذي يخطر ببالك حين تتصلين بي ولا أرد عليك؟ لماذا لاتخبرينني بما تظنينه وتعتقدينه؟ مابك تتظاهرين أنك مطمئنة؟ أم تراك تعلمين الغيب؟ هل سألت عني إحدى العرافات؟ أم اكتفيت بقراءة طالعك على صفحة الأبراج التافهة؟ ما الذي يخطر ببالك بالتحديد؟ أنني حزين هذه الأيام؟ ألم تتوقعي أن في حياتي أشياء كثيرة أخفيها عنك؟ أم أنك تؤجلين السؤال عنها إلى مابعد ارتباطنا؟ كيف تغامرين بالدخول في علاقة غير مضمونة؟ كيف لم يخطر ببالك أنني أفسر تلقائيتك تصنعا؟ 

ما الذي يمكنك قوله بشأن رجل عاش حياتا خرابا؟ هل تفهمين معنى أن تكون حياتك خرابا؟ وهل تشعرين بمدى قسوة الواقع حين لايحقق أحلامك؟ أم أنك من الذين يقولون أن كل الأمور بخير والحمد لله؟ هل أنت مع الفكرة التي تقول زعما أن الآمال العظيمة يمكن التنازل عنها؟ أم ترين الأحلام البسيطة وحدها تكفي؟ وهل تتحقق الأحلام على بساطتها؟ أية أحلام تحققت لك أنت؟ كيف خطر لك أن الوقوع في الحب حلم رائع إن تحقق؟

هل أنت ساذجة؟ ألا ترين مانعيشه من ظلم واستعباد؟ ألا تسمعين مايقوله الناس؟ ألا تصدمين مما يكتبونه؟ أي أهداف يمكنها أن تتحقق لنا في هذا الزمن؟ مارأيك في السعادة؟ السعادة نسبية أم أنها وهم؟ أم هي كذبة شائعة؟ ما ظنك بمن يرى السعادة مرتبطة بالحرية؟ هل نحن أحرار؟ أين الحرية؟ أين الحرية؟ أين الكرامة؟ ماقيمة حرية بلا كرامة؟ وهل يمكن أن ندعي وجود كرامة بلا حرية؟

 إلى أين نحن سائرون؟ هل تعرفين الجواب؟ أم أنك لا تبالين بمثل هذه الاسئلة؟ ألا تراودك الشكوك فيما نحن عليه؟ هل تصدقين الوعود؟ أم أنك ممن لا يناقشون ما يسمعونه؟ ما قيمة التاريخ؟ مانفع الفلسفة؟ وما الغرض من الكتابة؟ لماذا نكتب؟ لماذا أكتب لك هذه السطور؟ هل تقرئينها؟ ما الذي تلاحظين في هذا النص؟ 

لم لاتجيبين؟ مانفع القراءة؟ هل أنت معي؟ 

أم أنك غائبة؟

محمد الطايع 

طنجة/ 11/ 06/ 2020


8‏/6‏/2020

من رجل وسخ الى سيدة نظيفة.. قصة قصيرة للعملاق ''محمد الطايع''

..من رجل وسخ الى سيدة نظيفة

سيدتي ، نزولا عند طلب أحد الأصدقاء ، أكتب لك هذا النص والذي لايمت بصلة إلي ، وذاك أن صديقي يدعي أنكما كنتما على علاقة ، ولا أصدق ذلك ، فأنت ماشاء الله سيدة راقية ، أنيقة ومن طبقة اجتماعية محترمة ، وهو ليس سوى واحد من الرعاع ، المهم لست أدري ما الذي حدث بينكما تحديدا ، لكن الرجل قال أنه يحب كتاباتي ، ولأنه لايجيد الكتابة ، فقد أصر على أن أخبرك هكذا و دون مقدمات ، أنه قبل انتشار الوباء العالمي لم يكن يغسل وجهه إلا مرة في الأسبوع ، أما طريقة الغسل الشرعية التي يعتمدها المسلمون لإزالة الجنابة ، فإنه لم يجربها منذ سبع وعشرين عاما ، أي منذ كان يصلي ، وبالنسبة للمعطف ، فإنه يشتري واحدا كل ثلاث سنوات ولا يخلعه إلا بعدما يشتري آخر ، المايوهات والفانيلات والجوارب يلبسها شهرا كاملا ، فلا يخلعها إلا أراد الاستحمام ، ثم يعود ويلبسها ، وفي أول الشهر الموالي حين يشتري أخرى ، يرمي السابقة في القمامة ، والدليل أنه حين كان يسافر لم تكوني لترينه يحمل حقيبة

ومع ذلك ( يقول ) أنك لم تشمي أية رائحة كريهة تنبعث منه ، يا سبحان الله ، لاينقصه الا ادعاء النبوءة ، قال لي : ذكرها باللحظات التي كانت تحتضنني خلالها عند لقاءاتنا العابرة ، واسألها هل لاحظت بأني يمكن أن أسبب  كراهة ؟ ! حتى أنها كادت تبكي من فرط رغبتها في الالتصاق بي عاما كاملا ، ثم أضاف قائلا : أن رائحة عرقه طيبة مثل رائحة التراب حين تبلله أولى قطرات المطر ، وأن إحدى بائعات الهوى الجميلات قال أنها قالت : أن رائحة عرقه مثيرة مثل عطر رجولي نادر 

قال صديقي المخبول وهذا أمر لا أستبعده : أنه في جل أيامه السابقة قبل واقعة الوباء كان يكتفي بوجبة ( بيصارة ) في أي مطعم شعبي من أحياء طنجة كلما غلبه الجوع ، وحتى إن صادف وأكل طعاما شهيا فهو في العادة يكتفي بصنف واحد ، لايمكنه إطلاقا أن يغرف لقمته من صحنين في نفس الوقت ، وإذا حدث وسقطت قطعة خبز من يده على أرضية المطعم التي تعاقبت عليها أحذية العمال البؤساء ،  يلتقطها ويأكلها دون أن يشعر بأي نفور  ، هذا و كم صادف حاجته لشرب الماء ، أن درويشا قد  سبقه إلى الكوب ، حيث لامفر من رؤية مخاط أنف المشرد و شعر لحيته و لعابه قد امتزجوا بالماء ، فكان يشرب من بعده مباشرة من نفس الآنية وأحيانا ينسى البسملة

أما الكأس الوحيدة التي كانت توجد فوق مائدته الوسخة في بيته الشبيه بالقبو ، فإنه لم يكن يغسلها إطلاقا وقد يصب فيها اليوم شايا وفي غد قهوة وفي اليوم الذي يليه حليبا ، وذاك أنه ظل يعتقد أن السوائل الجديدة تغسل بقايا السوائل السابقة وهكذا ، وتلك المقلاة التي يعد فيها البيض وبعض الوجبات الخفيفة ، لاتلامس الماء الا بمعدل مرة في السنة ، كما أنه لا ينفض الغبار عن فراشه ، وأحيانا ينام عليه دون أن يخلع حذائه ، هذا وكان  طوال سنوات عمله في الميناء يحمل روث الكلاب بيديه العاريتين ، وينظف جحورها برؤوس اصابعه المجردة ، وكثيرا ما أكل مع الكلب من نفس الوعاء

ومن غريب ما أخبرني به وأصر على أن أنقله إليك رغم اعتراضي الشديد ، أنه حين يغلبه النوم لا يحتاج في العادة إلى سرير ، يكفي أن يغمض عينيه ثم يقف في مكانه طوال الليل حتى الصباح دون أن يستند ولو إلى جدار ، وقد لا ينام ثلاثة ليال متتالية ، وحين سألته ما الغاية من كل هذا ؟ ولماذا تريد إخبارها به ؟ قال أنه كان يتمنى من أعماق قلبه الطيب أن يمارس معك الجنس ليلة كاملة ، لكي تتأكدي أن الفحولة ليست في حاجة إلى أطعمة باهضة الثمن ، وأن الرجل حين يبلغ الاربعين لايتحول إلى خنثى ، أخبرني مع لمعة أسى وحزن في عينيه أنه كان يتخيلك معه فيستثار ويطلب من الله أن يمنحنه فرصة مضاجعتك على نهج السنة الكريمة ، حيث ستتأكدين بنفسك أنه ليس ذلك البدائي الذي يقع على امرأته كما تقع ذكور البهائم على إناثها ، وذاك أنه برغم شكل حياته البوهيمي رجل رقيق الإحساس ، رومانسي ويعرف ما الذي تحبه النساء في الرجال وما الذي تبحث عنه الرغبة المؤنثة في الجسد الذكوري ، وهو يخبرني بكل هذا أدركت أن الرجل أحمق بشكل رسمي ، لكن ومن باب الأمانة وحفاظا على الوعد الذي قطعته له ، ها أنذا أنقل لكم كلامه كما فاه به واجري وأجركم على الله 

المهم سيدتي ، وفي ختام هذه الرسالة الحمقاء ، اقول نزولا عند رغبته ، أنه بعد زوال غمة الوباء إن شاء الله ، يتمنى أن يكون قد تعلم الكثير عن النظافة ، قال أخبرها ، أنني إذا قدر الله ونجوت من خطر التعرض للفيروس ، سوف اكون شخصا آخر ، كيف ذلك سيدتي ؟ سألته فأكد لي أنه ومنذ فرض الحجر الصحي ، أصبح يغتسل مرة في اليوم ، ويتناول أطعمة شهية مختلفة ، هذا وقد تخلص من جميع ملابسه الرثة وابتاع أخرى جديدة ، كما قام بتغيير محل سكنه الوضيع ، و للإشارة هذا المسكن الجديد بالغ النظافة و معطر ، كما أن اواني المطبخ معقمة وعلب التوابل و الفواكه والخضر محفوظة في ركن امين بعيد عن الغبار والبلل

لم يكتف صاحبنا بالحديث عن حلق وجهه كل صباح ، فلقد أضاف أنه تطوع أخيرا وقام بحلق شعر عانته وإبطيه ، ثم اغتسل على الطريقة الشرعية ، وصلى لربه لأول مرة منذ سنوات طويلة

لست أدري سيدتي ، لم أفهم الغاية من وراء ثرثرته هذه وحديثه عن نفسه ، لكنني شردت بذهني طويلا ربما لأني تأثرت بكلامه حين قال : أخبرها أنني في الماضي كنت أخاف كثيرا من الموت ، وأنا على تلك الحالة التي لاتختلف عن حالة الكلب ، كنت أخاف من لقاء ربي دون صلاة ، وأخجل لمجرد التفكير في الشخص الذي سيقوم بغسلي قبل الدفن وهو يطلع على قذارتي الجسدية ، الآن أنا مرتاح جدا ، أعتقد أن هذا الوباء إن لم يتركني لأحيا ، فإنه على الاقل منحني فرصة طيبة لكي أموت نظيفا

انتهى كلام صديقي ، والآن ، أقول سيدتي ، ألف شكر لك على تكبدك عناء قراءة هذا النص ، والذي لايمت إلي بصلة كما أخبرتك في بدايته ، أرجو أنك لست ممن يقومون بإسقاط أي نص يقرؤونه على شخص كاتبه ، لأنني أنا محمد الطايع كما تعرفين ، كنت نظيفا جدا ومنذ البداية ، والحمد لله ، هؤلاء نحن معشر عشاق الكتابة ، يحدث أحيانا وبتواضع منا أن نعير أقلامنا ، للذين يخجلون من الحديث عن أنفسهم 
مباشرة
     تحياتي لك .. أيتها المحترمة                          
          

''الأسئلة'' قصة قصيرة/العملاق ''محمد الطايع''

..الأسئلة  ..قصة قصيرة ماذا؟ ماذا قلت؟ تحبينني؟ هل قلت أنك تحبينني؟ هل قلت ذلك فعلا؟ هل أبدو لك مغفلا؟ لماذا تعتقدين أنني كذلك؟...