* هل القوة هي التي تتحكم في الأخلاق والحضارة والمجتمع؟
-في عصر اﻷنوار كان التفاؤل مسيطرا،وانتشر الاعتقاد بأن الإنسانية تتقدم بشكل لا نهائي إلا أن الكوارث التي شهدها العالم في صورة حروب في القرن 20م أعادت التفكير في التفاؤل بالنوع البشري ليحل محلها الشك. نتشه وفرويد وماركس فلاسفة التوجس (الارتياب) هكذا يسميهم بول ريكور في كتابه (Conflit des instances) .
فمع تقويض هيدغر وتفكيكية دريدا وتأويلية و جينيالوجيا نتشه لم يعد العقل هو اﻷساس، كما كان في عهد العقلانية الكلاسيكية حيث اعتبر العقل هو المعيار المطلق، فهناك إدانة من ديكارت للخيال واﻷحلام.
لذلك طرحت أسئلة كثيرة:
-ألا يمكن أن إقصاء الغرائز والانفعالات من طرف العقل هو السبب في تلك الكوارث؟
-هل إعادة الاعتبار للمكبوت والمقموع من طرف العقل هو السبيل إلى إيجاد الحل؟
حاول نتشه أن يبحث عن جذور اﻷخلاق،ومنشأها، وأصلها،وهو المنهج الجنيالوجي، ويطرح السؤال ما الخير (كسر الياء مع التضعيف)وما الشرير؟
استخلص أن هذا كله مرده إلى اﻹهانة واﻹدانة بمعنى تبرئة نفسك واتهام اﻵخر،والشعور بالذنب، يحاول كل واحد التخلص منه بإلقاء الذنب على اﻵخر، ما يفسر الجنيالوجيا أيضا هو الحقد والغل وراء لعبة تبادل اﻻتهام، فالضعفاء يدينون اﻵخرين بأنهم أشرار بدون وعي منهم،فبواسطة الوعي الزائف نخفي الغل والحقد المتجذر فينا وخاصة في الديانة اليهودية والمسيحية (المحرفة).
في مجال اﻷخلاق، حسب نتشه فمنشأها هو الضعف، وهي بمثابة قناع والمطلوب إزالة هذه اﻷقنعة والتي تتمثل في اﻷخلاق. هذه اﻷخيرة في نظر نتشه ليست مطلقة فهي من صنع اﻹنسان، والإنسان واهب القيم.فاﻷخلاق تلعب دورا في الوعي الزائف.
أشار نتشه إلى المثل الزهدي وهو قيمة نشأت في المجتمع الحديث، وبين أن كل من تظهر عليه علامات وهن الإرادة يطلق عليه المثل الزهدي وهو المثال المناهض للحياة والوجود اﻷرضي والتعلق بعالم آخر ما ورائي،مضاد للحياة ولملذاتها ولمباهجها وهو ناشئ عن نفور وتبرم من الحياة وهذا مؤشر على انحطاط الحضارة الحديثة لأنه يكشف عن نزعة عدمية،وهو ارتكاسي لأنه يجر الإنسان إلى الوراء: تقهقر الإنسان الحديث.
ماقام به نتشه جاء به فرويد أيضا الذي ينتج الوعي الزائف هو التذكر وعدم القدرة على النسيان، فالذي يحقد لا ينسى وإنما يكون تحت طائلة الوعي الزائف، ومن الحقد وعدم النسيان تتولد فكرة الخطيئة أو الشعور بالذنب فتتحول الإدانة من إدانة اﻵخر إلى إدانة الذات (الخطيئة الأصلية)مع الديانة المسيحية. ولذلك وجب التحرر من الوعي الزائف الذي وصلت إليه الإنسانية.
وفي تقويض الوعي الزائف، قام فرويد باكتشاف اللاشعور من خلال العمل على أركيولوجية الذات فاستخلص أن ما يكمن خلف الذات أو الوعي هو الغريزة والرغبة. فإذا كانت عند نتشه هي إرادة اقوة، فما وراء الوعي عند فرويد هو الرغبة.
اصطنع فرويد منهجا يشبه المنهج الجنيالوجي هو المنهج التحليلي والذي يعتمد على اقتفاء أثر الرغبة وأثر اﻷعراض وهي العلاقات(سيمياء الذات). الرغبة تختفي في اﻷحلام، وهي،أي الأحلام، بمثابة كنز ومستودع تختفي فيه الرغبات، فاللاشعور هو الذي يحرك اﻹنسان وعملية الكبت هي المسؤولة عن اﻷحلام، كذلك نفس الأركيولوجية التي استخدمها على الذات طبقها على الثقافة فالمعنى لا يوجد في سطحها وإنما في أعماق اﻷشياء، يكتشف أن هناك لاوعي جماعي ويتمثل في الثقافة ة و الحضارة وهذا ما يفسره في مؤلفاته...لماذا يشعر الفرد بعدم الرضى ونوع من الشقاء أو بنوع من عدم الإشباع؟ فما الذي يوجد في الحضارة يشعر اﻹنسان الحديث بالذنب وعدم الشعور بالرضى ؟
الحضارة هي المسؤولة فهي لا تقوم إلا على عقدة الذنب وقمع الغرائز فالتشخيص الذي قام به فرويد في كتاب قصة الحضارة يقف على موطن الداء. الإنسان راقي لا يمكن أن ينكر حيوانيته.
في حين جاء ماركس واعتبر أن اﻷيديولوجية هي بنية من التمثلات واﻷفكار عبارة عن أوهام لها طابع اجتماعي ووظيفتها هي التضليل والاستيلاب، والإنسان المستلب هو اﻹنسان الذي لديه وعي مستلب ،إن اﻷيديولوجية وعي جماعي زائف.
في كتاب الأيديولوجية الألمانية يوضح أن أوهام الحضارات هي الأيديولوجيات الضعيفة.
هذا الانعطاف الذي حدث على إثر جنيالوجيا نتشه، والتحليل النفسي عند فرويد، والمادية التاريخية عند ماركس يشهد تحول في المفاهيم اللاشعور مع فرويد، والإيديولوجيا عند ماركس، ومفهوم الوعي الزائف مع نتشه، كل مفهوم يحمل مفاهيم مرتبطة به كمفهوم اللاشعور مداره الرغبة، ومفهوم الأيديولوجيا مداره الصراع الاجتماعي، ومفهوم الوعي الزائف مداره إرادة القوة.
إن ما يجمع بين فلاسفة الارتياب هو أن القوة هي التي تتحكم في اﻷخلاق والحضارة والمجتمع.
خالد بن مبا ك خداد/المغرب/27/03/2018
-في عصر اﻷنوار كان التفاؤل مسيطرا،وانتشر الاعتقاد بأن الإنسانية تتقدم بشكل لا نهائي إلا أن الكوارث التي شهدها العالم في صورة حروب في القرن 20م أعادت التفكير في التفاؤل بالنوع البشري ليحل محلها الشك. نتشه وفرويد وماركس فلاسفة التوجس (الارتياب) هكذا يسميهم بول ريكور في كتابه (Conflit des instances) .
فمع تقويض هيدغر وتفكيكية دريدا وتأويلية و جينيالوجيا نتشه لم يعد العقل هو اﻷساس، كما كان في عهد العقلانية الكلاسيكية حيث اعتبر العقل هو المعيار المطلق، فهناك إدانة من ديكارت للخيال واﻷحلام.
لذلك طرحت أسئلة كثيرة:
-ألا يمكن أن إقصاء الغرائز والانفعالات من طرف العقل هو السبب في تلك الكوارث؟
-هل إعادة الاعتبار للمكبوت والمقموع من طرف العقل هو السبيل إلى إيجاد الحل؟
حاول نتشه أن يبحث عن جذور اﻷخلاق،ومنشأها، وأصلها،وهو المنهج الجنيالوجي، ويطرح السؤال ما الخير (كسر الياء مع التضعيف)وما الشرير؟
استخلص أن هذا كله مرده إلى اﻹهانة واﻹدانة بمعنى تبرئة نفسك واتهام اﻵخر،والشعور بالذنب، يحاول كل واحد التخلص منه بإلقاء الذنب على اﻵخر، ما يفسر الجنيالوجيا أيضا هو الحقد والغل وراء لعبة تبادل اﻻتهام، فالضعفاء يدينون اﻵخرين بأنهم أشرار بدون وعي منهم،فبواسطة الوعي الزائف نخفي الغل والحقد المتجذر فينا وخاصة في الديانة اليهودية والمسيحية (المحرفة).
في مجال اﻷخلاق، حسب نتشه فمنشأها هو الضعف، وهي بمثابة قناع والمطلوب إزالة هذه اﻷقنعة والتي تتمثل في اﻷخلاق. هذه اﻷخيرة في نظر نتشه ليست مطلقة فهي من صنع اﻹنسان، والإنسان واهب القيم.فاﻷخلاق تلعب دورا في الوعي الزائف.
أشار نتشه إلى المثل الزهدي وهو قيمة نشأت في المجتمع الحديث، وبين أن كل من تظهر عليه علامات وهن الإرادة يطلق عليه المثل الزهدي وهو المثال المناهض للحياة والوجود اﻷرضي والتعلق بعالم آخر ما ورائي،مضاد للحياة ولملذاتها ولمباهجها وهو ناشئ عن نفور وتبرم من الحياة وهذا مؤشر على انحطاط الحضارة الحديثة لأنه يكشف عن نزعة عدمية،وهو ارتكاسي لأنه يجر الإنسان إلى الوراء: تقهقر الإنسان الحديث.
ماقام به نتشه جاء به فرويد أيضا الذي ينتج الوعي الزائف هو التذكر وعدم القدرة على النسيان، فالذي يحقد لا ينسى وإنما يكون تحت طائلة الوعي الزائف، ومن الحقد وعدم النسيان تتولد فكرة الخطيئة أو الشعور بالذنب فتتحول الإدانة من إدانة اﻵخر إلى إدانة الذات (الخطيئة الأصلية)مع الديانة المسيحية. ولذلك وجب التحرر من الوعي الزائف الذي وصلت إليه الإنسانية.
وفي تقويض الوعي الزائف، قام فرويد باكتشاف اللاشعور من خلال العمل على أركيولوجية الذات فاستخلص أن ما يكمن خلف الذات أو الوعي هو الغريزة والرغبة. فإذا كانت عند نتشه هي إرادة اقوة، فما وراء الوعي عند فرويد هو الرغبة.
اصطنع فرويد منهجا يشبه المنهج الجنيالوجي هو المنهج التحليلي والذي يعتمد على اقتفاء أثر الرغبة وأثر اﻷعراض وهي العلاقات(سيمياء الذات). الرغبة تختفي في اﻷحلام، وهي،أي الأحلام، بمثابة كنز ومستودع تختفي فيه الرغبات، فاللاشعور هو الذي يحرك اﻹنسان وعملية الكبت هي المسؤولة عن اﻷحلام، كذلك نفس الأركيولوجية التي استخدمها على الذات طبقها على الثقافة فالمعنى لا يوجد في سطحها وإنما في أعماق اﻷشياء، يكتشف أن هناك لاوعي جماعي ويتمثل في الثقافة ة و الحضارة وهذا ما يفسره في مؤلفاته...لماذا يشعر الفرد بعدم الرضى ونوع من الشقاء أو بنوع من عدم الإشباع؟ فما الذي يوجد في الحضارة يشعر اﻹنسان الحديث بالذنب وعدم الشعور بالرضى ؟
الحضارة هي المسؤولة فهي لا تقوم إلا على عقدة الذنب وقمع الغرائز فالتشخيص الذي قام به فرويد في كتاب قصة الحضارة يقف على موطن الداء. الإنسان راقي لا يمكن أن ينكر حيوانيته.
في حين جاء ماركس واعتبر أن اﻷيديولوجية هي بنية من التمثلات واﻷفكار عبارة عن أوهام لها طابع اجتماعي ووظيفتها هي التضليل والاستيلاب، والإنسان المستلب هو اﻹنسان الذي لديه وعي مستلب ،إن اﻷيديولوجية وعي جماعي زائف.
في كتاب الأيديولوجية الألمانية يوضح أن أوهام الحضارات هي الأيديولوجيات الضعيفة.
هذا الانعطاف الذي حدث على إثر جنيالوجيا نتشه، والتحليل النفسي عند فرويد، والمادية التاريخية عند ماركس يشهد تحول في المفاهيم اللاشعور مع فرويد، والإيديولوجيا عند ماركس، ومفهوم الوعي الزائف مع نتشه، كل مفهوم يحمل مفاهيم مرتبطة به كمفهوم اللاشعور مداره الرغبة، ومفهوم الأيديولوجيا مداره الصراع الاجتماعي، ومفهوم الوعي الزائف مداره إرادة القوة.
إن ما يجمع بين فلاسفة الارتياب هو أن القوة هي التي تتحكم في اﻷخلاق والحضارة والمجتمع.
خالد بن مبا ك خداد/المغرب/27/03/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق